السبت, 23 تشرين2/نوفمبر 2024
Blue Red Green

  • أخبار سريعة
أخبار قانونية: وفاة رئيس القضاء السوداني مولانا حيدر احمد دفع الله - السبت, 24 تشرين2/نوفمبر 2018 18:45
الرئيسية أقسام قانونية متنوعة القواعد الفقهية القاعد الخامسة : القديم يترك على قِدمه.

القاعد الخامسة : القديم يترك على قِدمه.

الشرح

[(القديم يترك على قِدمه )] إلا إذا قام الدليل على خلافه ، كما في المادة /1224 / من المجلة .

القديم : هو الذي لايوجد من يعرف أوله . ( ر: المدة / 166/ من المجلة ).

ومعنى هذه القاعدة أن التنازع فيه إذا كان قديماً تراعى فيه حالته التي هو عليها من القديم ، بلا زيادة ولانقص ولا تغيير ولاتحويل .

وإنما لم يجز تغيير القديم عن حاله أو رفعة بدون إذن صاحبه لانه لما كان من الزمن القديم على هذه الحالة المشاهدة فالأصل بقاؤه على ما كان عليه ، ولغلبة الظن أنه ما وضع إلا بوجه الشرعي ( ر: الفتاى الخيرية ، فصل الحيطان ) .

فلو كان لأحد جناح في داره ممدود على أرض الغير ، وكان ذلك الجناح أو المسيل أو الممر قديما ًلايعرف من الحاضرين مبدأ لحدوثه ، فأراد صاحب الأرض أن يمنع صلحب الدار من مد الجناح أو التسييل أو المرور في أرضه ، أو أراد ان يحول المسيل أو الممر ويغيرة عن حاله القديم فليس له ذلك إلا بإذن صاحبه ( ر: المواد / 1224 و1225 و1229 / من المجلة ) .

وكذا ليس لصاحب الحق نفسه أن يحوله من جهة إلى جهة ، أو يصرف الممر مثلاً إلى دار أخرى له ،إلا إذا أذ له اللآخر ، وللآذن ولورثته من بعده الرجوع عن هذا الأذن وتكليف صاحب الحق بإعادته إلى الحالة الأولى .ووجه جواز الرجوع ، كما في الخيانة ، أن ذلك الإذن من قبيل الإعارة ، وهي غير لازمة . بخلاف مالو بنى صاحب الأرض بناءً في الممر بإذن صاحب حق المرور فإنه يسقط حق مروره ولا يكون له بعد ذلك المخاصمة مع صاحب الأرض لاستعادته ، لأن إذنه ذلك إسقاط لحقه ، إلا إذا كان صاحب الحق مالكاً لرقبة الطريق فلا يمنع من المخاصمة واستعادته بعد إذنه بالبناء ، لأن الملك لايسقط بالإسقاط ، قال في فصل الأنهار من الفتاوى الخانية : (( ولو قال صاحب المسيل : أبطلت حقي في المسيل ، فإن كان له حق إجراء الماء دون الرقبة بطل حقه ، وأن كان له رقبة المسيل لا يبطل ذلك بلإبطال )) .

 

وكذلك لو كان نهر ، بين قوم ، يأخذ الماء من النهر الأعظم ، فمنهم من له فيه كوتان ومنهم من له ثلاث ، فقال أصحاب الكوى السفلى لأصحاب العليا : إنكم تأخذون من الماء أكثر من نصيبكم ، لأن كثرة الماء ورفعة يكون في أعلى النهر فيدخل في كواكم شيء كثير ، ونحن لانرضى بهذا ، ونجعل لكم أياماً معلومة ونسدّ في أيامكم كوانا ولنا أياماً وانتم تسدون فيها كواكم ، فليس لهم ذلك ، بل يترك على حاله كما كان . وكذا لو أختصم أهل النهر فادعى بعضهم زيادة لم يكن ذلك إلا بحجة . والأصل في جنس هذا إن ما كان قديماً يترك على حاله ولايغير إلا بحجة ( ر : الفتاوى الخانية ، فصل الأنهار ) .

لايشترط في أعتبار التصرف القديم أن يكون ما يتصرف به قائماً في يد المتصرف إلى حين الخصومة ، بل يكفي أن يثبت المدعي وجودة في يدة قبل الخصومة ، وأن المعي علية أحدث يده عليه ومنع المدعي منه ، فأنه يحكم به للمدعي ، لأن اليد الحادثه لاعبرة بها بل العبرة لليد الحقيقية ( ر: البحر الرائق ، شرح كنز الدقائق ، كتاب الدعوى ، أوائل دعوى الرجلين ، ج7 /256) .      

وقد نصوا أنه لو كان لرجل نهر يجري في أرض غيره لسقي أراضيه وهو في يده يكريه ويغرس في حافتيه الأشجار مثلاً فأراد صاحب الأرض أن لا يجري النهر في أرضه فليس له ذلك بل يترك على حاله لأن من هو في يده يستعمله بإجراء مائه ونحوه فعند الاختلاف القول قوله فلو لم يكن في يده ولم يكن جارياً وقت الخصومة فإن كان يدعي رقبة النهر فعليه أن يثبت أنه له وإن كان يدعي حق الإجراء في النهر فعليه أن يثبت أنه كان يجري مالقديم لسقي أراضيه فيحكم له حينئذ بملك رقبة النهر في الصورة الأولى وبحق الإجراء في الثانية وبمثل ذلك يحسم الاختلاف إذا وقع في حق المرور أو حق التسييل في أرض أو على سطح أو في دار أو في طريق خاص أو بين علو وسفل ( ر الهداية وشروحها والملتقى والتنوير فصل الشرب والمادة 1177 من المجلة ) . هذا ثم إذا جهل حال المتنازع فيه ولم يعرف هل هو قديم أو حادث فالأصل فيه أنه إن كان في  طريق خاص يعتبر قديماً حتى يقوم الدليل على يدخلوها عند الزحام وهذا التفسير يأتي في جميع الأحكام التي

 تذكر في غير النافذة ( ر جامع الفصولين الفصل الخامس والثلاثين صفحة 263 نقلاً عن خواهر زاده ) خلافه وإن كان في طريق العامة يعتبر حديثاً فللإمام أن ينقضه ( ر شرح المادة 224 من مرآة \ المجلة ) .  \ والمراد بالطريق الخاص في قولهم فالأصل فيه أنه إن كان في طريق خاص يعتبر قديماً هو ما كان مملوكاً رقبة لقوم وليس للعامة فيه حق أصلاً كما إذا كانت أرض مشتركة بين قوم بنوا فيها مساكن وجعلوا بينهم منها طريقاً حتى كان مملوكاً لهم على الخصوص فأما إذا كانت السكة مختطة من الأصل فحكمها حكم طريق العامة ولو غير نافذة إذ هي ملك العامة ألا يرى أن لهم أن  يدخلوها عند الزحام وهذا التفسير يأتي في جميع الأحكام التي تذكر في غير النافذة ( ر جامع الفصولين الفصل الخامس والثلاثين صفحة 263 نقلاً عن خواهر زاده ) .

اختلف الإفتاء في اعتبار التصرف القديم في الحقوق فأفتى المرحوم خير الدين الرملي في سؤال رفع إليه بما يفيد عدم اعتباره وأنه لا بد من إقامة البينة على الحق المدعى به بخصوصه وتمسك بمسائل نصوا عليها وهي أن من  ادعى حق المرور أو رقبة الطريق وأقام بينة شهدت له بأنه كان يمر في هذه لا يستحق بذلك شيئاً وأن الشاهد إذا فسر للقاضي أنه يشهد بالملك بناء على معاينة اليد لا تقبل شهادته واستشهد له المرحوم ابن عابدين في تنقيح الفتاوى الحامدية بما نصوا عليه من أن الوقف إذا كان على القرابة وادعى رجل أنه من القرابة وأقام بينة شهدت أن الواقف كان يعطيه كل سنة مع القرابة لا يستحق بهذه الشهادة شيئاً وكذا لو شهدوا بإعطاء القاضي له مع القرابة كل سنة لا يكون إعطاء القاضي حجة انتهى وكل هذه الفروع لا تصلح للتمسك لأن الدعوى والشهادة فيها ليست من قبيل دعوى التصرف القديم المفسر بما تقدم ولا من قبيل الشهادة به كما هو ظاهر كيف وكتب المذهب والفتاوى ناطقة بلزوم اعتباره وقد أفتى باعتباره حامد أفندي العمادي في محلات عديدة من فتاويه ووافقه عليها نفس المرحوم ابن عابدين ونقل عن الشيخ إسماعيل الحائك أنه أفتى باعتباره أيضاً وكل ذلك بناء على ما صرحوا به في كتب المذهب من اعتباره وصرحوا أيضاً بأن اعتباره هو الاستحسان وأن عليه الفتوى لو ادعى أحد الخصمين الحدوث وادعى الآخر القدم فالقول قول من يدعي القدم والبينة بينة من يدعي الحدوث ( ر تنقيح الفتاوى الحامدية والمادة 1768 من المجلة ) . بقي ها هنا شيء يكثر وقوعه ولم أر من تعرض له وهو ما لو ادعى أحدهما الحدوث وادعى الآخر مرور الزمن فهل يكلف مدعي الحدوث البينة  أو يكلف البينة مدعي مرور الزمن لقائل أن يقول بالأول وأنه إذا ثبت الحدوث لا تسمع دعوى مرور الزمن وذلك لأن مدعي القدم يدعي مضي مدة على الأمر المتنازع فيه هي أضعاف مدة مرور الزمن لأن القديم كما تقدم ما لا يوجد من يعرف أوله وهذا لا يكون غالباً إلا بعد أن يمضي عليه أكثر من ثمانين أو تسعين سنة وقد تقدم في الكلام على القاعدة الثانية أن كون العبرة للمعاني يجري في الدعاوى والخصومات أيضاً فكأنه بدعوى القدم يدعي مرور الزمن مضاعفاً ولم يجعلوا له والحالة هذه غير كون القول قوله فقط ولم يجعلوا البينة بينته بل جعلوا البينة بينة مدعي الحدوث بلا استثناء ولو قلنا بتقديم بينة مرور الزمن لم يبق من فائدة لتدوين ما بني على اعتبار القدم والحدوث من الأحكام ولأصبح كثير من مواد المجلة التي تدور عليها سدى ومعطلاً عن العمل به كهذه المادة والتي بعدها ومادة 1224 و 1228 و 1229 و 1230 و 1232 وليس ادعاء ذلك والإقدام عليه بالأمر السهل ! .ولقائل أن يقول بتقديم بينة مدعي مرور الزمن وذلك لأن مدعيه يدعي عدم صلاحية الحاكم لرؤية الدعوى عليه فهو في الحقيقة ينازع الحاكم في ذلك قبل الدخول في الدعوى فإذا ثبت مرور الزمن تبين أن الحاكم ليس بحاكم في هذه الدعوى بخلاف ما إذا ادعى القدم دون مرور الزمن فإنه يكون حينئذ قد اختار جهة الدخول في الدعوى وأجاب خصمه عنها وذلك منه تسليم لصلاحية الحاكم لسماع الدعوى عليه وحيث كان خصمه يدعي الحدوث فالبينة بينته وهذا بلا شك أوجه وأمتن والله سبحانه أعلم .

 

  إشترك في القائمة البريدية

  إبحث في الموقع

  • أخبار قانونية

  • عقود

  • جرائم محلية

  • قواعد فقهية