ذو اللحية الزرقاء. 
 
 فى الثلاثينيات، ظهر سفاح فى فرنسا تخصص فى مصادقة السيدات العوانس ، ثم قتلهن بعد الإستيلاء على أموالهن. 
 
 و ما جعل هذا السفاح مشهورا ، هو الوسيلة التى يُقال أنه استعملها للتخلص من جثثهن. 
 
 فقد كان يقوم بتقطيعهن الى أجزاء صغيرة ، ثم يضع هذه الأشلاء فى إناء كبير من البلاستيك  يملأه بحامض الهيدروكلوريك الذى يذيب اللحم و العظم معا ، ثم يلقى بالناتج فى المجارى العامة ، الى أن وُجد فى المجارى أسفل منزله أجزاء من عظم ، تخلص منها قبل أن تذوب بالكامل. 
 و قد أثارت محاكمته جدلا ، فلم تتمكن السلطات من إثبات أنه قد قتل هؤلاء السيدات المختفيات ، و لكن معرفته بهن ، و إختفائهن رجح أنه قد تخلص منهن بطريقة أو أخرى. 
لم يكن هناك فى ذلك الوقت الوسائل الفنية المتقدمة و المتاحة حاليا ، و التى تُستعمل لجمع ، و إختبار الأدلة ، و توقفت المحاكمة على قدرة الإتهام فى إقناع هيئة المحكمة بأنه قد قتلهن بالفعل. 
 
 و فى آخر أيام المحاكمة ، و بعد أن قدم الإتهام الأدلة على صلة السفاح بهؤلاء  النسوة ، و أنهن قد اختفين من على وجه الأرض بعد معاشرته لهن ، جاء دور الدفاع . 
 
 بدأ الدفاع بشرح أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته ،  و أن المدعى العام لم يقدم دليل مادى واحد على أن المتهم قد قتل هاته النسوة ، و أن الشك يجب أن يُفسر فى مصلحة المتهم. 
 
 ثم عمد الدفاع الى بعض الوسائل المسرحية ، ووقف فى وسط المحكمة صائحا: 
 
 إن السيدات المختفيات لسن قتلى ،  بل هن هنا ، فى مبنى المحكمة ، و أنه سوف يستدعيهن الى قاعة المحكمة ، ليثبت أن موكله برئ من دمهن. 
 
 و اشرأبت الأعناق ، و نظر الجميع الى باب قاعة المحكمة ، منتظرين ظهور الضحايا ، لكن لم يظهر أحد. 
 
 و بحركة مسرحية أخرى صاح المحامى: 
 
 لقد نظرتم جميعا متوقعين دخول هؤلاء السيدات قاعة المحكمة ، أى أنكم جميعا تعقدون أنه من الممكن أن يكن أحياء ، و إلا ما نظرتم الى باب قاعة المحكمة. 
 
 ثم وجه خطابه الى القضاة قائلا: 
 
 إذا كان لديكم شك فى وفاتهن ،  فكيف تحكمون بأنه مذنب؟ 
 
 و بعد أن انتهى المحامى من مرافعته ، تكلم رئيس المحكمة قائلا: 
 
 خطاب رائع يا ممثل الدفاع ، لقد ولّدت الشك فى قلوب الجميع  عدا شخصا واحدا... 
 
 ألا وهو المتهم نفسه, فقد كنت أنظر إليه حين كانت جميع الأنظار متوجهة الى باب القاعة ، و لكن كان هناك شخصين يعرفان أنهن لن يظهرن ، وهذان الشخصان كانا: 
 
 المتهم ، لأنه يعرف أنهن لن يحضرن بعد أن قتلهن. 
 
 و أنا، لأنى كنت أريد أن أتأكد بنفسى ، و الآن قد تأكدت. 
 
 و قد إنتهت القضية بإعدام المتهم شنقا.