محكمة الاستئناف
القضاة:
السيد / طيب عباس الجيلي قاضي محكمة الاستئناف رئيساً
السيد / عبد المنعم الزين النحاس قاضي محكمة الاستناف عضواً
السيد / الأمين محمد الأمين تاتاي قاضي محكمة الاستئناف عضواً
حكومة السودان ضد صديق إدريس شنتو
م أ / م ك / 89 / 1975
المبادئ:
قانون جنائي – الشروع في الاغتصاب – المادة 93/317من قانون العقوبات لسنة 1974.
إذا وضح أن المتهم شرع في إيلاج ذكره في فرج المجني عليها فإن الأدانة تكون على أساس الشروع في الاغتصاب تحت المواد 93/217 من قانون العقوبات وليس تحت المادة 319 من قانون العقوبات.
ملحوظة المحرر:
تعرض هذا الحكم للسابقة القضائية حكومة السودان ضد المهدي عبد الله ( المجلة القانونية لسنة 1961 ص 86 ) والتي أرست قاعدة عدم إدانة بجريمة الشروع في الاغتصاب ولكن هذا الحكم وضع قاعدة مخالفة وهي إمكانية الإدانة بالشروع في الاغتصاب.
الحكم:
9/5/1975:
القاضي عبد المنعم الزين النحاس:
إدانت محكمة كبرى بالخرطوم بحري المتهم صديق إدريس شنتو تحت المادة 316 عقوبات وقضت عليه بالسجن ثلاثة سنوات.
يسترحم المتهم مؤكداً أنه لم يرتكب الجرم الذي عوقب عنه.
الوقائع التي اتضحت أمام المحكمة الكبرى تكشف بوضوح أن المتهم استغل فرصة تغيب الشاكي وأولاده ( شهود الإثبات الثاني والخامس والسادس ) وانفرد بالمجني عليها وحال الاتصال بها جنسياً لولا صراخها وحضور والدها الشاكي.
المجني عليها طفلة – ابنة السابعة – أدلت بأقوالها على اليمين – أمام قاضي الإحالة والمحكمة الكبرى بعد اقتناعها بإدراكها لصحة القسم. قصت المجني عليها لقاضي الإحالة أن المتهم ( طلع بنطلونه وطلع فوقي وأدخل ذكره في فرجي ) وأسهبت أمام المحكمة الكبرى أن المتهم ( وضع ذكره في فرجي ثم ضغط علي حتى تألمت وبدأت اصرخ وأكورك. المتهم فكاني عندما سمع والدي ). أضافت أنها شعرت ( بليان ) عندما تركها المتهم.
عضدت أقوال الشاكي – والد المجني عليها – بينتها إذ ذكر أنه شاهد المجني عليها خارجة من الغرفة وأبصر فيما بعد المتهم في نفس الغرفة يصلح بنطلونه كما أن شاهدة الإثبات الخامسة – والدتها – ذكرت أن المجني عليها شكت إليها وروت لها ما بدر من المتهم وقد فتشت الشاهدة ابنتها ووجدت ( ليان ) بجسمها.
د. عبد الرحمن صالح – شاهد الإثبات – أوضح أنه قد تكون هناك محاولة للولوج وعزا ذلك إلى ألم بالعضو اشتكت منه المجني عليها غير أنه أكد أنه لم يحدث ولوج. هذه البينات في رأيي تؤكد أن محاولة قد جرت من جانب المتهم للاتصال جنسياً بالمجني عليها وهذه الوقائع توضح أن المتهم حاول إيلاج ذكره داخل فرج المجني عليها. وقد ورد في كتاب ص 9790:
Rat., law of crimes
"the only thing to be exertained is whether the private parts of the accused did enter the person of the woman it is not necessary to decide how far they entered. It is not necessary that the hymen should be ruptured provided it is clearly proved there was penetration even though partial. Vulval penetration only (as distinct fro virginal penetration) is sufficient to constitute rape even without actual seminal emission".
وورد في سابقة التاية خليفة ( 1945 ) التي حوكمت في الأبيض ( غير منشور ة ) ص 440 في كتاب قلدهل قانون عقوبات شمال نيجريا والسودان، أن المتهم قد ارتكب جريمة الشروع في الاغتصاب إذ أن المتهم انتهز فرصة نوم المجني عليها ( ابنة السادسة ) وحاول إدخال ذكره في فرجها ولكن لصغر سنها لم يستطع وأراد توسيعه بإصبعه غير أن الطفلة استيقظت وعندما وضع يده في فمها أمنى. وقد وجد جرح بسيط في فرج الصبية غير أن التقرير الطبي لم يستطع أن يؤكد بصفة جازمة سببه إن كان يعزى إلى ذكر أو أصبع المتهم.
قررت سابقة حكومة السودان ضد مهدي عبد الله محمد كدويد ( المجلة القانونية سنة 1961 ص 86 ) أن القاعدة العامة في قانون عقوبات السودان معاقبة الشروع في جرائم العرض تحت المادة 319 عقوبات التي أخذت من القانون المصري، وهي مشابهة للمادة 268 من القانون المصري التي تنص: كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو التهديد .. الفعل العادي لهتك العرض هو تصرف مناف للآجاب يرتكبه الفعل على جسم الغير ويبلغ حداً جسيماً من الفحش بمعنى أن العبرة في هتك العرض، كما أوضحته محكمة النقض المصرية بالموضع الذي يصيبه الفاعل في جسم المجني عليه فإذا كان هذا الموضع عورة عد الفعل هتك عرض أياً كانت درجة جسامته من منافاة الآداب.
وبالرغم من أن ذلك القانون المصري يعاقب على الشروع في الاغتصاب كجرم منفصل من هتك العرض، فقد أكد الدكتور رمسيس بنهام أستاذ القانون الجنائي بجامعة الاسكندرية أن الاغتصاب يتم بالفعل العادي بإيلاج عضو الذكر في فرج الأنثى فإذا لم يحدث الإيلاج إطلاقاً لسبب خارج عن إرادة الفاعل كمقاومة المجني عليها أو استغاثتها عد الفعل هتك عرض أو عد شروعاً في الاعتصاب إذا كام القصد منه هو الوقاع. وللقاضي أن يتستخلص هذا القصد من ظروف الواقعة وملابساتها. فقد حكم في مصر بأنه يعد شروعاً في اغتصاب إذا جذب شخص امرأة من يدها ووضع يده على تكة لباسها لفكها بقصد أن يواقها، وكذلك رفع المتهم ملابس المجني عليها أثناء نومها وإمساكه برجليها.
نعود إلى الحقائق التي أوضحت أمام المحكمة الكبرى لنعالجها على ضوء التقييم القانوني، وضح أن المتهم شرع في إيلاج ذكره في فرج المجني عليها أرى أن تعدل الإدانة إلى 93/317 عقوبات وليس المادة 319 عقوبات.
العقوبة:
العقوبة المنصوص عليها في المادتين 319 عقوبات و 93/317 عقوبات سبعة سنوات سجناً.
نرى أن العقوبة التي قضت بها المحكمة الكبرى مناسبة وأرى تأييدها.
14/5/1975:
القاضي الأمين محمد الأمين تاتاي:
أوافق الزميل السيد النحاس أن البينات المقدمة والتي أخذت بها المحكمة الكبرى تثبت أن المتهم فعلاً شرع في إيلاج ذكره في فرج المجني عليها ولم يصل إلى طور الإيلاج بسبب ظروف خارجة عن إرادته وهي حضور والد المجني عليها فجأة أثناء محاولة الإيلاج. وعليه فالإدانة الصحيحة يجب أن تكون بموجب المادة 93/317 من قانون العقوبات وليس المادة 319 من قانون العقوبات.
وقائع قضية حكومة السودان ضد المهدي عبد الله محمد المجلة القانونية 1961 صفحة 86 تختلف عن وقائع القضية التي أمامنا هذا لأنه ثبت درجة الشروع كما هو الحال في القضي التي أمامنا، أما رأي السيد بابكر عوض الله بتفويض من السيد رئيس القضاء آنذاك فقد كان رأياً عارضاً فقط فيما يتعلق بمحاكمة الشروع في جرائم في جرائم الاغتصاب تحت المادة 319 من قانون العقوبات.
أما فيما يختص بالعقوبة أيضاً أوافق على تأييدها.
14/5/1975:
القاضي الطيب عباس الجيلي:
المذكرة التي أعدها الأخ نحاس تبرر العدول عن قضية المهدي عبد الله محمد وطالما أن المادة 319 لا مقابل لها في القانون الهندي فإن الاسترشاد بالقانون المصري في هذه الحالة لا مر منه.