شركة سابحات للنقل طاعنة ضد عز الدين محمد مرسال مطعون ضده

شركة سابحات للنقل طاعنة // ضد // عز الدين محمد مرسال مطعون ضده

نمرة القضية: الرقم م ع/ط م/60/2008م

المحكمة : المحكمة العليادائرة ولايتي البحر الأحمر وكسلا ببورتسودان

المبادئ:

قانون تفسير القوانين والنصوص العامة 1974م – وجود نصوص تشريعية متعـددة – كيفيـة تفسيرهـا.

في حالة تعدد النصوص التشريعية التي تحكم مسألة أو موضوع محدد فإنه من الضروري أن يراعى عند تفسير هذه النصوص أن يكون التفسير في إطار التفسير الذي يحقق تكامل النصوص وليس تعطيل نص على حساب الآخر.

 

الحكم:

القضاة:

سعادة السيد/ عبدالرؤوف حسب الله ملاسي                 قاضي المحكمة العليا            رئيسا

سعادة السيد/ إبراهـيم محمــد المكــي                         قاضي المحكمة العليا             عضواً

سعادة السيد/ عبدالرحيـم عبد السيـــد                         قاضي المحكمة العليا             عضواً

المحامون:

الأستاذ/ معاذ حسن بخيت                                       عن الطاعن

 الحكـــم:

 القاضي: عبد الرؤوف حسب الله ملاسي

التاريخ: 13/10/2008م

 هذا طعن بالنقض مقدم من الأستاذ/ معاذ حسن بخيت المحامي عن الطاعن في مواجهة قضاء محكمة الاستئناف أ س م/330/2007م والقاضي بتاريخ 27/ديسمبر/2007م بشطب الاستئناف إيجازياً وتأييد قضاء محكمة الموضوع في ق م/206/2007م والقاضي بتاريخ 22/اكتوبر/2007م بإصدار حكم لصالح المدعي في الدعوى مشتملاً على مكافأة نهاية الخدمة بمبلغ 602 جنيه 10.24.500 ألف جنيه عبارة عن تعويض عن العجز الناشئ عن إصابة العمل وعن فترة الانقطاع عن العمل وقيمة فواتير علاج زائداً أتعاب المحاماة (500 جنيه ) ورسوم الدعوى في حدود المبلغ المحكوم به ويدور محور الطعن في النقاط التالية:

 أولاً: ينعى الطاعن على الحكم الابتدائي مخالفته لصحيح القانون لأن المدعي لم يفصل من الخدمة بموجب أحكام المادة (55) من قانون العمل لسنة 1997م لأن إنهاء خدمة المدعي كال لسبب آخر وهو عدم اللياقة الطبية للعمل بموجب قرار طبي مستند إدعاء (3) وطالما أن إِنهاء الخدمة كان مبنياً على هذا السبب فلا سند يبرر الحكم لصالح المدعي بمكافأة نهاية الخدمة أو بدل إنذار وحتى ولو اعتبر أن إنهاء الخدمة بسبب المرض فصلاً من الخدمة فلا مجال في هذه الحالة لاعتباره فصلاً تعسفياً يشير إلى السابقة م ع/ط م/ الهيئة العربية للاستثمار/ضد/ عبد المنعم محمد سيد/ مجلة الأحكام القضائية سنة 1992م.

 ثانياً: بفرض أن إصابة المدعي هي إصابة عمل فإهماله في علاج الإصابة رغم علمه بإصابته بمرض السكري وهو الأمر الذي أدى إلى استفحال الإصابة فإن إهماله هذا يستوجب حساب مساهمته في استفحال الإصابة عند تقدير التعويض وذلك مع مراعاة مسألة جوهرية وهو أن المحكمة حرمت الدفاع من سماع بينة الطبيب الذي حرر (م دفاع 7) عن طريق التفويض لمحكمة الخرطوم والذي طلبه المدعى عليه لتأكيد أن المدعي قد تسبب في الحالة المدعاة بإهماله في علاج الإصابة.

 ثالثاً: المفروض عند حساب التعويض أن يتم تقديره على أساس الراتب الشهري الأساسي ولم يقدم المدعي أية بينة لإثباته والأجر اليومي لا يشكل أي أساس لحساب التعويض عن إصابة العمل كما أن المحكمة أغفلت عند الحكم بالتعويض خصم ما دفعته المدعى عليها للعلاج وأقساط التأمينات الاجتماعية ومن محصلة طلبه يلتمس إلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء تأييد محكمة الاستئناف له.

صرح الطعن وتقدم الأستاذ/ شعيب المحامي ع المطعون ضده بالرد التالي:

1-  المدعي تعرض لحادث أثناء العمل ترتب عليه إصابة عمل ووفقاً لأحكام القانون في م (4)،(5) من قانون إصابة العمل سنة 1981م فإن إصابة العمل هي الإصابة التي تقع أثناء العمل وهذا يوافق تعريف قانون العمل لإصابة العمل تحت المادة (4) من قانون 1997م وهو ما قرره قانون إصابة العمل سنة 1998م وبالتالي أصاب الحكم صحيح القانون.

2-  السابقة القضائية التي يستند عليها الطاعن في أسباب طعنه بمجلة الأحكام 1992م ص (347) لا علاقة لها بأسباب ووقائع الدعوى والمبادئ الواردة في السوابق ( لا يسترشد بها ) إلا في حالة تطابق الدعاوى والوقائع.

3-  تقدم المدعي بشكوى إلى مكتب العمل ورفضت المدعى عليها المثول أمامه للفصل في الشكوى ولم تستأنف المدعى عليها قرار العمل بموجب المادة (92) من قانون العمل سنة 1997م الأمر الذي يجعل الحكم مبنياً على سند قانوني صحيح.

ومن محصلة رده على الطعن يلتمس تأييد الحكم المطعون فيه.

وفي تقديري أن الطعن يتعين الفصل فيه على النحو التالي :

 أولاً: يتركز الطعن في النقاط التالية:

(1) طالما أن المدعي لم (يفصل) من الخدمة (فصلاً تعسفياً) بموجب أحكام المادة (55) من قانون العمل سنة 19917م فلا سند يبرر الحكم له ببدل إنذار أو مكافأة نهاية الخدمة ولأن الفصل كان على سند عدم اللياقة الطبية للعمل كسائق وهي الخدمة التي يعمل بها.

 ثانياً: إصابة المدعي التي أدت إلى بتر قدمه كانت بسبب مرض السكري و بسبب إهماله في علاج إصابته وحتى بفرض أن الإصابة كانت إصابة عمل فإهماله هو الذي أدى إلى تدهور الإصابة ومن ثم حدوث العجز المدعي به ونتيجته وهي ( البتر لقدمه) الأمر الذي يستوجب حساب مساهمة المدعي في العجز عند تقدير التعويض و حيث إن المدعى خاضع لقانون التأمينات الاجتماعية 1991م فكان المفروض خصم ما دفعته المدعى عليها للتأمين الاجتماعي عند حساب التعويض.

 ثالثاً: (حرمت) المحكمة الدفاع من سماع بينة شاهد دفاعه حول واقعة إصابة العمل وجاء الحرمان من سماع الشاهد لسبب لا يد له فيه وبسبب عدم وصول رد المحكمة الحال إليها التفويض لأخذ أقوال الشاهد وهذا فيه حرمان للدفاع من حق الدفاع القانوني.

 ومن ثم وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي المؤيد من محكمة الاستئناف فالواضح أن المحكمة لم تقرر ابتداءً أن فصل المدعي كان فصلاً تعسفياً وبالتالي قررت عدم استحقاقه لحقوق الفصل التعسفي تحت المادة (55) من قانون العمل سنة 1997م لاستنادها في الحكم على أن إنهاء خدمة المدعي كان عدم اللياقة الطبية للعمل كسائق بسبب بتر ساقه والواضح من طلب الطاعن وأسباب طعنه دفعه بأن المدعي لا يستحق الحكم له ببدل إنذار لأنه لم يفصل تعسفياً كما أن الطاعن يرى أن إنهاء الخدمة كان بسبب عدم اللياقة الطبية فإن هذا السبب لا يبرر منحه الحق في بدل الإنذار وبالتبعية يذهب الطاعن إلى أن مكافأة نهاية الخدمة لا تستحق أيضاً طالما أن الفصل لم يكن تعسفياً هذا بالإضافة إلى أن المدعي يستحق أي حقوق لنهاية الخدمة من التأمينات الاجتماعية لأنه خاضع لقانون التأمين الاجتماعي 1990م 2004م وحقوقه مكفولة وفق أحكامه وبالتالي فالتساؤل المطروح هو :

 متى يستحق العامل بدل إنذار في حالة انتهاء الخدمة ؟ وهل حالة إنهاء الخدمة بسبب عدم اللياقة الطبية يستوجب الحكم ببدل إنذار وفق أحكام قانون العمل سنة 1997م ؟؟ ومتى يستحق العامل مكافأة نهاية الخدمة وفق أحكام قانون العمل سنة 1997م ؟؟ ومتى تطبق أحكام قانون التأمين الاجتماعي سنة 1990م 2004م ؟ وهل يجوز الحكم بموجب أحكام قانون التأمين الاجتماعي سنة 1990م 2004م ؟ وهل يجـوز الحكم بموجب أحكام قانونين فـي آن واحد ؟؟ والإجابة في تقديري واضحة هي:

ينتهي عقد العمل بإنذار لأي من الأسباب الآتية:

[ (أ ) عجز العامل عن تأدية عمله أو مرضه مرضاً يؤدي إلى انقطاعه عن العمل إلى ما بعد انتهاء الإجازة المرضية السنوية المستحقة سواء أكانت تلك الإجازة بأجر أم بدون أجر على أن يتم إثبات العجز أو المرض وعدم لياقة العامل للخدمة بوساطة القمسيون الطبي ].

 والفقرة أعلاه 1(أ) الواردة في نص المادة (50) من قانون العمل واضحة كل الوضوح في أن حالة العجز عن العمل وحالة (عدم اللياقة الطبية للعمل) للعامل متى ثبتت بينة طبية فإن إنهاء الخدمة يتطلب ويوجب إنذار العامل بإنهاء خدمته لهذا السبب وبالتالي فحالة المدعي تندرج تحت البند (أ) من نص المادة 50(1) من قانون العمل سنة 1997م لأن إنهاء خدمته كان كما هو واضح بسبب العجز وعدم اللياقة الطبية للعمل كسائق لدى المدعى عليها بسبب الحادث الذي تعرض له أثناء قيادة العربة ونتج عنه بتر القدم حسبما هو وارد بالتقرير الطبي المقدم ويقر به الطاعن كما أن الفقرة (3) من المادة (50) من قانون العمل سنة 1997م تنص صراحة على وجوب الإنذار وعلى وجوب تعويض أي طرف  متضرر من جراء عدم الإنذار والنص يقرر الآتي:

 [ إذا لم يقم أىُُّ من الطرفين ( العامل أو المخدم بحسب الحال ) بإنذار الطرف الآخر بانتهاء عقد العمل وفق البند (2) يدفع للطرف المتضرر تعويضاً يعادل أجرة عن مدة الإنذار].

 وبالتالي فالمشرع أوجب الإنذار في هذه الحالة كشرط وجوبي لإنهاء عقد العمل كما أنه في البند (2) من المادة (50) حدد مدة الإنذار بحسب المدة المحددة وفق دورة الأجر سواء أكان أجراً شهرياً أم اسبوعياً أم كان الأجر اليومي .. الخ. وبالتالي فإنهاء الخدمة بلا إنذار يستوجب أن يعوض العامل تعويضاً يعادل أجره عن مدة الإنذار وفق المادة (50 فقرة (3) السالف ذكرها وواضح من واقع المحضر والبينة ومن فحوى مستند دفاع (6) الذي قدمه شاهد الدفاع / سهيل حسن الطاهر (مسئول شئون الأفراد) في الشركة المدعى عليها والذي يشتمل على بيان استحقاقات المدعي (عن نهاية الخدمة) فإن المدعي يستحق (مرتب شهر إنذار وفق راتبه الشهري المحدد في المستند) حسب نص المادة (50) (أ) من قانون العمل سنة 1997م وواضح أيضاً من واقع المحضر أن المدعي (لم يُعْطَ هذا الإنذار) وبالتالي فإن المدعي يستحق التعويض المنصوص عليه في المادة 50(3) من القانون ووفق (م دفاع 6) تعويض يعادل أجره عن مدة الإنذار وبالتالي فلا سند من الوجهة الوقائعية والقانونية لقول الطاعن بأن المدعي ( لا يستحق بدل إنذار ) لأنه لم يفصل تحت المادة  (55) من قانون العمل سنة 1997م فسند استحقاقه للإنذار كما هو واضح حالة المادة 50(أ ) (أ ) من القانون وبالتالي أصابت المحكمة في حكمها.

أما بالنسبة لاستحقاق المكافأة فالمكافأة تكون مستحقة وفق موجهات شروط المادة 60 (1) ، (2) من قانون العمل سنة 1997م والذي يقرر الآتي:

 [ مع مراعاة أحكام قانون التأمين الاجتماعي سنة 1990م أو أي وضع آخـر أفضل للعامل يكون للعامل الذي يقضـى مـدة لا تقل عن ثلاث سنوات في الخدمة المستمرة مستحقاً لمكافأة عـن مـدة خدمته تحسـب على الوجه الآتي .. الخ ].

 والواضح من المحضر أن خدمة المدعي بحسب البينة والمستندات المقدمة من الطرفين هي بالتحديد القاطع ( تاريخ التعيين 8 /مارس/2003م وانتهاء الخدمة 19/مارس/2006م ) وبالتالي أكمل المدعي في خدمة المدعى عليها (خدمة مستمرة) بطرف المدعى عليها (مدة تعادل أكثر من ثلاث سنوات) (وبالتالي ووفقاً) لموجهات نص المادة 60(1) من قانون العمل سنة 1997م ويستحق (مكافأة خدمة) آياً كان سبب إنهاء هذه الخدمة لأنها تستحق بمجرد (إكمال ثلاث سنوات) كحد أدنى أو أكثر أي (مدة لا تقل عن 3 سنوات ) والواضح هنا أن (الطاعن) وفي (جزئية) استحقاق المكافأة يدفع بعدم استحقاق المدعي للمكافأة تحت قانون العمل سنة 1997م لأنه خاضع لقانون التأمين الاجتماعي ويدعي أنها قد سددت كل أقساط هذا التأمين وأودعت لدى صندوق التأمينات الاجتماعية مستحقات المدعي وبالتالي يكون تعويض (المدعي) والمكافأة عن طريق التأمينات الاجتماعية وليس تحت قانون العمل وقد حولت المدعى عليها أوراق المدعي  (لصرف استحقاقه لدى التأمينات) وكان المفترض عند حساب حقوق المدعي وبغرض أن حقوق المدعي تكون تحت قانون العمل 1997م وتعويض العمال سنة 81 فكان على المحكمة عند الحكم (خصم) ما دفعته المدعى عليها من (أقساط لدى التأمين الاجتماعي) ولم تقم (المحكمة بهذا الخصم) وواضح هنا أن (المدعى عليه) تستند في دفعها القانوني على ما نصت عليه المادة (60) من قانون العمل سنة 1997م التي تنص على الفقرة التالية:

[ مع مراعاة أحكام قانون التأمينات الاجتماعية 1990م أو أي وضع آخر أفضل للعامل يكون للعامل … الخ ].

ومن ثم يتضح من صياغة هذا النص أن العامل يستحق (مكافأة نهاية خدمة) متى توافرت (شروط) استحقاقها ( مع وجوب وضع الاعتبار لأحكام قانون التأمين الاجتماعي) أو أي (وضع آخر) وأفضل للعامل ولفظ (مع مراعاة) له مقصد تشريعي كما أنه من الصياغة التشريعية (الوجوبية) وخاصة (بالنسبة) للعاملين (الخاضعين لقانون التأمينات الاجتماعية) الذي ينص أيضاً على [ إلزامية هذا القانون في م (5) منه وينص صراحة على الحق التأميني لنهاية الخدمة في (المواد 24(1) (أ) ] من قانون التأمين الاجتماعي 1990م – 2004م.

 ويتضح من هذه الصياغة أن المسألة محكومة بنصوص تشريعية (متعددة) وهنا لا بد من التنبيه إلى أنه من المعلوم (فقهاً) أنه في حالة (تعدد) النصوص التشريعية التي (تحكم مسألة أو موضوع) محدد في عدة قوانين فإنه من الضروري أن يراعى عند تفسير هذه النصوص في التشريعات المذكورة مسألة واجبة وهي أن يكون هذا التفسير إطار التفسير الذي يحقق تكامل النصوص وليس تعطيل نص على حساب الآخر لأن التفسير التكاملي هو الذي يحقق المقصد التشريعي من النصوص في إطار المقاصد التشريعية العامة والخاصة والتي نص عليها قانون تفسير القوانين والنصوص العامة سنة 1974م وخاصة أن المشرع في كثير من الأحيان يرمي إلى عدم تفسير كل نص بتفسير منفرد رغم أن المشرع يعلم بأن المسألة محكومة بعدة نصوص ويترك هذا التفسير للحكم عند تطبيق النصوص على الوقائع وذلك في إطار قاعدة التفسير المتكامل عند تطبيق النصوص على الوقائع وذلك في إطار قاعدة التفسير المتكامل للنصوص التي تحكم الموضوع الواحد لتحقيق عدالة النصوص مجتمعة باعتباره القاعدة والأساس كحالة نصه صراحة على وجوب وضرورة مراعاة أحكام أي قانون آخر أو نص تشريعي آخر يحكم المسألة وبنصه على ضرورة مراعاة أحكام النصوص التشريعية الواردة في القانون أو التشريعات الأخرى أي يجب تلك المراعاة بما يحقق المقاصد التشريعية للنصوص مجتمعة وهو ما يعرف بالمقاصد العامة للنصوص مع وجود المقاصد الخاصة لكل نص ومن ثم فلابد لنا في هذه المناقشة من التعرض لمسال جدلية أثيرت بشأنها عدة وجهات نظر أمام المحاكم حول استحقاق العامل لحقوق نهاية الخدمة وهل يسري بشأنها أحكام قانون العمل 1997م أم قانون التأمين الاجتماعي 1990م-2004م بالنسبة للعاملين المنضوين تحت أحكامه وهل يستحق العامل حقوقه بموجب أحكام القانونين أم أنه لا يجوز أخذ الاستحقاق مرتين أم أن الاستحقاق يكون بتطبيق القانون الأفضل مزايا بالنسبة لحقوق نهاية الخدمة وهل يجوز تجزئة الاستحقاق ما بين حقوق مستحقة تحت قانون العمل سنة 1997م وجزء آخر تحت قانون التأمين الاجتماعي 2004م بالأخذ بالمزايا الأفضل في كلا القانونين باعتباره تحقيقاً لمقاصد التشريع وهو تحقيق مزايا أفضل للعامل في نهاية الخدمة باعتبارها حقوقاً معاشيه في نهاية الأمر وكمثال لوجهات النظر القانونية التفسيرية حول الجزئية محل المناقشة أورد الآتي:

 وجهة النظر الأولى: بالنسبة لحقوق نهاية الخدمة ترى عدم جواز الاستحقاق تحت القانونين معاً ويقتصر الاستحقاق لحقوق نهاية الخدمة على تطبيق أحكام أحد القانونين.

وجهة النظر الثانية: ترى أن الذي يحكم استحقاق نهاية الخدمة هو القانون الذي يحقق مزايا أفضل للعامل باعتبار أن هذا الاستحقاق هو ميزة تنتهي بها الخدمة أياً كان سبب الانتهاء ويكون ذلك بالأخذ بالمزايا الأفضل في القانونين معاً.

وجهة النظر الثالثة: ترى أنه ووفق أحكام قانون التأمين الاجتماعي سنة 1990م تعديل 2004م فإنَّ العامل المنضوي تحت قواعده يجب أن يكون استحقاق نهاية خدمته تحت هذا القانون (دون سواه) مع مراعاة أن حق الإنذار والإجازة والفصل التعسفي هي مسائل يحكمها قانون العمل 1997م ومنصوص عليها في قانون العمل 1997م لارتباطها بعقد العمل لأن هذا هو المقصد التشريعي من أحكام قانون التأمين الاجتماعي وقانون العمل 1997م وتحكيم قانون آخر بالنسبة لمكافأة نهاية الخدمة بالنسبة للعاملين المنضوين تحت قانون التأمين يعني إفراغ قانون التأمين الاجتماعي من المقاصد التشريعية التي دعت المشرع إلى تشريع مثل هذا القانون رغم علم المشرع بوجود قانون العمل العام الذي يحكم منازعات العمل ولانتفت (الحكمة) من تشريع قانون التأمين الاجتماعي.

 ومن ثم فالرجوع إلى نص المادة 60(1) من قانون العمل سنة 1997م فلا خلاف حول أن المكافأة هي حق قانوني وباعتباره من مستحقات نهاية الخدمة وواضح أيضاً أن المشرع في هذا النص قد ربط تطبيق حالة المكافأة باعتبارها من استحقاقات نهاية الخدمة آياً كان سبب انتهاء الخدمة وباعتبار أنها حقوق مستحقة مرتبطة بمدة خدمة فعلية محددة ينشأ بسببها حق المكافأة ربط تطبيقها بحسب القانون بإكمال مدة خدمة لا تقل عن ثلاث سنوات وقد نص منطوق المادة 60(1) من قانون العمل سنة 1997م على قيد اعتباري آخر يفيد ويوجب مراعاة أحكام قانون التأمين الاجتماعي أو أي وضع قانوني آخر يحقق مزايا أفضل بالنسبة لمكافأة نهاية الخدمة والنص يقرر ذلك بقوله:

[ مع مراعاة قانون التأمين الاجتماعي أو أي وضع آخر أفضل للعامل يكون العامل .. الخ .. ].

ولفظ وتعبير (مع مراعاة) يعني مقصد تشريعي (وجوبي) وهذا المقصد الوجوبي التشريعي بحسب سياق التفسير القانوني للنصوص وفق أحكام المادة (6) من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة سنة 1974م يتطلب أن يفسر النص بما يحقق مقاصد التشريع أي تحقيق الغرض الذي من أجله شرع النص ويمكن تحديد الغرض والمقصد وفقاً لذلك على النحو التالي:

(أ ) وجوب استحقاق مكافأة نهاية الخدمة متى توفرت شروطها.

(ب) عند تحديد المكافأة باعتبارها من حقوق نهاية الخدمة ينظر في تقدير الحق بتطبيق القانون الذي يحقق فائدة أكبر ومزايا أفضل للعامل لاعتبار أن المكافأة ميزة معاشيه مترتبة على نهاية الخدمة.

 وتبعاً لذلك فبالرجوع إلى قانون (التأمين الاجتماعي) سنة 1990م تعديل 2004م الساري المفعول وعلى ضوء الفقرتين (1) ، (2) من المادة (24) التي تنص على الأتي:

1- تربط الاشتراكات التي يؤديها أصحاب الأعمال لصالح المؤمن عليهم على أساس الأجر الشهري المستحق للمؤمن عليهم.

2- يربط الاشتراك الشهري الواجب أداؤه بوساطة صاحب العمل للصندوق بنسبـة 25% من الأجـر الشهري المعـرف في المادة (3) تفسير من قانـون التأمين الاجتماعي 1990م تعديل 2004م وهو:

 الأجر يقصد به: الأجر الشامل الذي يتقاضاه العامل ويشمل الأجر الأساسي + علاوة غلاء المعيشة وعلاوة طبيعة عمل بالإضافة إلى نسبة 30% من جميع العلاوات والبدلات الأخرى الثابتة والمستقرة في العام الأول ونسبة 30% في العام الثاني ونسبة 40% في العام الثالث ويلتزم بـه صاحب العمل والمؤمن عليه العامل بنسبة 17%على صاحب العمل و8% على العامل المؤمن عليه.

 ويتضح من صياغة هذا النص أن التأمين المرتبط بنهاية الخدمة وحقوق نهاية الخدمة كالمكافأة تتطلب قراءة متكاملة لنص المادة (60) من قانون العمل 1997م مع نصوص قانون التأمين الاجتماعي 90/2004م ويكون التطبيق للقانون الذي يحقق مزايا أفضل في نهاية الخدمة بالنسبة للعامل والسؤال الذي يطرح تبعاً لكل ذلك نفسه هو:

 [ ما هو القانون الذي يمنح العامل ميزة أفضل في نهاية الخدمة بالنسبة لحقوق نهاية الخدمة أو المستحقات الناشئة من انتهاء عقد الخدمة كالمكافأة وحالة تعويض إصابة العمل ] .

 وفي تقديري أنه وبالنسبة للعاملين المنضوين تحت أحكام قانون التأمين الاجتماعي فإنه هو الوضع الأميز والأفضل لما يلي:

 (أ ) قانون العمل سنة 1997م يعطي امتياز مكافأة نهاية الخدمة لكل عامل أكمل الخدمة المستمرة فترة لا تقل عن ثلاث سنوات.

وبالتالي فكل من تقل فترة خدمته عن ثلاث سنوات خدمة مستمرة لا يستحق مكافأة من هذه المدة.

 (ب) وفق أحكام قانون التأمين الاجتماعي 90 –2004م فإنها تنص على استحقاق العامل للتأمين المقرر في المادة 24(2) وهو 25% 17% على صاحب العمل و8% على العامل من الأجر الشامل الوارد في المادة (3) تفسير من قانون التأمين الاجتماعي 2004م بمدة خدمة غير مقيدة أو محددة بثلاث سنوات كما هو الحال في المادة 60(1) من قانون العمل 1997م بل يستحق العامل في نهاية الخدمة هذا التأمين 25% كاملاً والسبب في استحقاقه هذا التأمين دون قيد مدة أن أساس استحقاقه هي أقساط تأمين شهرية تستقطع خلال مدة الخدمة أياً كانت هذه المدة التي خدمها العامل أقل أو أكثر من ثلاث سنوات فالاستقطاع التأميني يبدأ من بدء خدمة العامل.

 (ت) مكافأة نهاية الخدمة في قانون العمل 1997م كحق قانوني تحسب على أساس الأجر الأساسي بحسب تعريف المادة 60 فقرة (2) التي تقرر : ووفق المادة (3) من قانون العمل 1997م المرتب الأساسي : يقصد به المرتب زائـداً علاوة غلاء المعيشة بخلاف العلاوات والبدلات الأخرى.

 [ تحسب المكافأة على أساس المرتب الأساسي الشهري الأخير].

 في حين أن قانون التأمين الاجتماعي سنة 2004م يحدد نسبة (17% على المخدم من نسبة 25% ) السالف ذكرها يودعها المخدم كتأمين لصالح العامل من بداية خدمته تحسب من (الأجر الشامل) وليس (الأجر الأساس) كما هو وارد في قانون العمل سنة 1997م (وبداهة) فما يدفعه المخدم بنسبة 17% من الأجر الشامل المعرف في المادة (3) من قانون التأمين الاجتماعي سنة 2004م هو أكبر من حيث القيمة وفائدة نهاية الخدمة بالنسبة للعامل وأفضل ميزة معاشيه من مكافأة نهاية الخدمة التي تحسب على أساس الأجر الأساسي فقط كما أسلفنا.

وهنا وللفائدة في المناقشة لابد لنا من التطرق إلى مسألة حقوق نهاية الخدمة السالف مناقشتها والعلاقة بين المخدم والصندوق القومي للتأمين الاجتماعي على ضوء أحكام قانون التأمين الاجتماعي سنة 1990م تعديل 2004م فمن استقراء وقائع العديد من القضايا يتضح أن هنالك عدة اشكالات تثار عادة عند التطبيق وخاصة حول كيفية استيفاء العامل المنضوي تحت لواء الصندوق القومي للتأمينات الاجتماعية لحقوق نهاية الخدمة السالف مناقشتها وهذه الإشكاليات هي:

أولاً: حالة عدم قيام صاحب العمل بإجراء استقطاع وتوريد الأقساط التأمينية الشهرية الواردة في نص المادة (24) فقرة (1) ، (2) من قانون التأمين الاجتماعي لدى صندوق التأمين الإلزامي على صاحب العمل وفق أحكام المادة (5) من القانون.

 ثانياً: حالة ادعاء صاحب العمل أنه قام بإجراء استقطاع الأقساط التأمينية خلال خدمة العامل وتوريدها إلى التأمينات الاجتماعية ونفي التأمينات استلام هذه الأقساط من صاحب العمل وبالتالي حدوث نزاع بين الطرفين حول مسألة التوريد.

 ثالثاً: حالة حدوث نزاع أو خلاف بين صاحب العمل ومصلحة التأمينات حول مقدار الأقساط الموردة بطرف التأمينات الاجتماعية.

 رابعاً: حالة إدعاء التأمين الاجتماعي أنه قد صرف للعامل مستحقاته التأمينية بطرفه وإدعاء العامل بأن تلك المستحقات لم تصرف له.

 وقد عرضت هذه الحالات السالف ذكرها في منازعات أمام المحاكم وجاء اجتهاد المحاكم بشأنها على النحو التالي:

 أولاً: بالنسبة للحالة الأولى أعلاه توصلت المحاكم إلى أن قانون التأمين الاجتماعي قانون ملزم للمخدم صاحب العمل بموجب أحكام  المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي تعديل 2004م وبالتالي فهو ملزم قانوناً بالوفاء بالتزامه بإيداع أقساط التأمين الشهري ومقدارها 17% من الأجر الشامل لدى التأمين الاجتماعي وفقاً لتعريف الأجر الشامل المعرف في المادة (3) تفسير من القانون وبالتالي يستحق العامل الحكم له بهذه المستحقات التأمينية في مواجهة صاحب العمل إذا لم يقم بتوريدها لدى التأمينات باعتبارها مكافأة نهاية الخدمة.

 ثانياً: بالنسبة للحالة الثانية والثالثة توصلت المحاكم على أنه في حالة حدوث منازعة بين صندوق التأمين الاجتماعي وصاحب العمل حول الأقساط الموردة ومقدارها ويترتب تبعاً لهذا النزاع أن يتردد العامل المنضوي تحت قانون التأمين الاجتماعي ما بين صاحب العمل و صندوق التأمين الاجتماعي بما يضطره أخيراً للجوء إلى المحكمة بحثاً عن حقوقه التأمينية فإنه وفي هذه الجزئية توصلت المحاكم في اجتهادها إلى وجهتي نظر إجرائية وهي:

1-وجهة النظر الأولى:

تقوم المحكمة في الدعوى المرفوعة على صاحب العمل بإعلان ممثل أو مندوب التأمين الاجتماعي للتحقق والاستيثاق من واقعة توريد الأقساط التأمينية خلال مدة الخدمة فإذا توصلت إلى قناعة بأن صاحب العمل لم يستقطع ولم يورد الأقساط لصندوق التأمين الاجتماعي تأمر عند الحكم بإلزام صاحب العمل بدفع هذه المستحقات وإذا توصلت إلى قناعة بأن الأقساط التأمينية موجودة بطرف صندوق التأمين الاجتماعي وجهت العامل بالذهاب إلى الصندوق لصرف مستحقاته أو رفع دعوى في مواجهة الصندوق وليس صاحب العمل الذي أوفى بالتزامه حسب قانون العمل 1997م وقانون التأمين الاجتماعي.

2- وجهة النظر الثانية:

ترى أن الإجراء الواجب في حالة النزاع بين صاحب العمل وصندوق التأمين حول توريد الأقساط التأمينية ولحماية حقوق العامل رافع الدعوى وبموجب المادة (95) إجراءات مدنية 1983م هو أن يضم صندوق التأمين الاجتماعي كمدعي عليه ثان في الدعوى حتى يتبين بعد السماع والبينة تحديد الطرف الذي يحكم عليه باستحقاق المدعي التأميني سواء أكان صاحب العمل أم الصندوق والمقصد من ضم الطرفين هو إنهاء النزاع في دعوى واحدة وبحكم واحد حتى لا تتعدد الدعاوى.

 رابعاً: بالنسبة للحالة الرابعة وهي إدعاء الصندوق بأن العامل قد استلم أقساطه التأمينية التي وردها صاحب العمل ومنازعة العامل وادعائه بأنه لم يستلم تلك المستحقات توصلت المحاكم في اجتهادها إلى أن قيام صاحب العمل بالوفاء بالتزامه القانوني الوارد في المادة 24 (1-2) من قانون التأمين الاجتماعي فإن صاحب العمل لا مجال لاعتباره طرف في هذا النزاع لأن مجاله دعوى أخرى بين العامل و صندوق التأمين الاجتماعي وفق أحكام قانون التأمين الاجتماعي 1999م تعديل 2004م.

ويتضح من هذه المناقشة أن المكافأة وباعتبارها من فوائد أو مستحقات ما بعد نهاية الخدمة تحتاج إلى دقة في النظر عند الفصل بشأنها بالنسبة للعاملين المنضوين تحت أحكام قانون التأمين الاجتماعي 2004م فهم يستحقون مكافأة فوائد ما بعد الخدمة وفق أحكام هذا القانون وليس بموجب أحكام قانون العمل سنة 1997م والذي تنص المادة 60(1) منه على مراعاة أحكام قانون التأمين الاجتماعي سنة 2004م بالنسبة لمكافأة نهاية الخدمة ومن ثم فعند رفع أي دعوى تتعلق بحقوق المكافأة عند نهاية الخدمة بالنسبة للعامل الخاضع لأحكام قانون التأمين الاجتماعي يجب أن تراعى القواعد التالية:

 أولاً: أن تطبيق قانون التأمين الاجتماعي 1999م تعديل 2004م أمر إلزامي بموجب أحكام المادة (5) من القانون التي تنص على الآتي : يكون التأمين في الصندوق طبقاً لأحكام هذا القانون إلزامياً بالنسبة إلى جميع أصحاب الأعمال والعاملين لديهم الذين يسري عليهم هذا القانون ولا يجوز تحميل المؤمن عليهم أي نصيب في نفقات التأمين إلا فيما يرد به نص خاص في هذا القانون.

 ثانياً: بالنسبة لحالة استحقاق المكافأة يطبق قانون التأمين الاجتماعي 90-2004م بالنسبة للعاملين الذين تسري عليهم أحكامه باعتبارها من فوائد ما بعد الخدمة.

 ثالثاً: وفقاً لأحكام المادة 60(1) والمادة 24 فقرة (1) ، (2) من قانون التأمين الاجتماعي سنة 90-2004م فقانون التأمين الاجتماعي هو (الأفضل والأكبر) ميزة بالنسبة للعامل في حالة المكافأة وفقاً للقصد التشريعي للقانون والقاضي بتطبيق القانون التأمين والذي يحسب المكافأة على أساس الأجر الشامل وفق أحكام المادة (3) من قانون التأمين وليس الأجر الأساسي كما هو مقرر في قانون العمل سنة 1997م.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذه القواعد سبق أن تقررت في السابقة م أ س/إ س م / 226/1979م مجلة الأحكام القضائية سنة 1979م وهي من السوابق الرائدة في هذه المسألة مع ملاحظة أنه صدرت في ظل أحكام قانون العمل سنة 1948م وقانون التأمينات الاجتماعية 1975م وبالتالي فالمبادئ التي قررتها تلك السابقة تظل سارية في ظل أحكام قانون العمل سنة 1997م وقانون التأمين الاجتماعي سنة 1990-2004م ولسند ففهي قانوني فالمادة 27(2) من قانون المخدمين والأشخاص المخدمين تحقق ذات المقصد التشريعي لنص المادة 60(1) من قانون العمل سنة 1997م كما أن المادة (24) من قانون التأمين الاجتماعي 1990-2004م تطابق المقصد التشريعي في قانون التأمين الاجتماعي سنة 1975م وطالما تطابقت المقاصد التشريعية ولم تتغير فإن المبادئ التي تقررت في السابقة السالف ذكرها تظل مبادئ سائدة في ظل القوانين السارية حالياً.

 وللفائدة في المسألة أورد المبادئ التي تقررت في تلك السابقة على النحو التالي:

1- أن قانون التأمين الاجتماعي 1975م هو قانون إلزامي التطبيق بموجب أحكام المادة (8) من القانون.

2- أن المادة 27(2) من قانون المخدمين والأشخاص المخدمين سنة 1948م توجب حق العامل في أحد البندين في نهاية الخدمة بشرط تقرير البدل الأكبر ميزة بالنسبة للعامل وهو في هذه الحالة البدل الذي قرره قانون التأمينات الاجتماعية سنة 1975م حيث أورد النص صراحة في المادة 27(2) من قانون العمل سنة 1948م وجوب مراعاة قانون التأمينات الاجتماعية بالنسبة لفوائد ما بعد الخدمة ويجب أن يراعى هنا أيضاً ملحوظة هامة وهي أن المقصد التشريعي السالف ذكره قد ورد في قانون علاقات العمل الفردية الصادر في عام 1981م بالرقم قانون رقم 65/1981م  والذي نص صراحة في المادة 44(1) منه على أنه مع مراعاة قانون التأمينات الاجتماعية أو أي وضع آخر أفضل للعامل يكون للعامل الذي يقضي مدة لا تقل عن ثلاث سنوات في الخدمة المستمرة مستحقاً لمكافأة عن مدة خدمته … الخ وهو أيضاً مطابق لذات المقصد التشريعي الوارد في نص المادة 60(1) من قانون العمل سنة 1997م.

 وخلاصة الأمر فكل قوانين العمل السابقة وكل قوانين التأمينات الاجتماعية السابقة تتطابق في المقصد التشريعي والمبادئ المقررة بما يجعل المبادئ التي قررتها السابقة القضائية 226/97 مجلة الأحكام القضائية 1979م ص 462 واجب العمل بها في ظل القوانين الحالية قانون العمل 1997م وقانون التأمين الاجتماعي 1990م -2004م وبالتالي يجب على المحاكم مراعاة تلك المبادئ في مثل هذه الدعاوى.

وعلى ضوء كل ما تقدم من مناقشة وبالرجوع إلى محضر الدعوى والأحكام الصادرة فيها ابتدائياً فالواضح أن المحكمة قد استندت في حكمها لصالح المدعي بالمكافأة عن نهاية الخدمة بموجب أحكام قانون العمل سنة 1997م 60(1)،(3) منه ولم تضع في اعتبارها ما أورد القانون بضرورة مراعاة قانون التأمين الاجتماعي وأي وضع آخر أفضل بالنسبة للعامل وفي ذات الوقت فالواضح من المحضر أن المدعي من العاملين الذين ينطبق عليهم قانون التأمين الاجتماعي 90-2004م والمستندات تشير إلى ذلك والمدعى عليها تدعي أنها سددت أقساط التأمين الواردة في قانون التأمين بموجب المادة 24(1) (2) من قانون التأمين الاجتماعي وتم توريدها لدى صندوق التأمين وبالتالي تجاوزت المحكمة هذه الجزئية وحكمت بموجب المادة 60(1) (2) من قانون العمل متجاوزة قانون التأمين وبموجب ما أسلفناه من مناقشة سالفة حول إلزامية قانون التأمين الاجتماعي ووجوب تطبيقه بشأن المكافأة فكان الواجب على المحكمة أن تستوثق من توريد المدعى عليها للأقساط التأمينية المستحقة في نهاية الخدمة وأن لا يلزم صاحب العمل متى أوفى بالتزامه بموجب قانونه التأمين الاجتماعي بدفع مكافأة تحت قانون العمل 1997م المادة 60(1)(2) بل يحال استحقاق العامل إلى التأمين الاجتماعي باعتباره البديل والامتياز الأفضل ميزة للمكافأة باعتبارها حقوق ما بعد الخدمة وبالتالي فكما أسلفنا من مناقشة ووفق اجتهاد المحاكم حول هذه المسألة الإجرائية الموضوعية كان على المحكمة أن تستوثق من واقعة سداد المدعى عليها الأقساط التأمينية لدى صندوق التأمين الاجتماعي بإعلان الصندوق فإذا تأكد أن استحقاق المدعي تم إيداعه كاملاً لدى الصندوق فلا يجوز لها أن تحكم على المدعى عليها بمكافأة أخرى تحت قانون العمل سنة 1997م بل تحيل العامل لصرف استحقاقه لدى الصندوق وأما إن ثارت منازعة ما بين الصندوق وصاحب العمل حول توريد الأقساط أو حول مقدار الأقساط الموردة فالواجب هنا إجرائياً لحفظ حقوق العامل أن يضم الصندوق كمدعى عليه ثاني بموجب أحكام المادة 95(1) إجراءات مدنية 1983م ويحكم على الطرف الذي بطرفه مستحقات المدعي الواردة في نص المادة 24(1)(2) من قانون التأمين الاجتماعي سنة 1999م –2004م وهي 17% من الأجر الشامل الواجبة على صاحب العمل خلال فترة خدمة المدعي 8% اشتراك العامل من راتبه الشامل كوديعة تدفع له في نهاية الخدمة باعتباره وفر من راتبه الشهري خلال مدة الخدمة يصرفه في نهاية الخدمة وقد جرت بعض المحاكم على استخدام تعبير توفير إجباري من راتب العامل في حالة خصم 8% من راتبه تصرف له في نهاية الخدمة وبالتالي فما ذهب إله الطاعن بشأن مكافأة نهاية الخدمة وضرورة أن يكون استحقاقه وفق أحكام قانون التأمين الاجتماعي وأنه ورد أقساط التأمين لدى الصندوق وأن على المدعي صرف استحقاقه في المكافأة  المورد لدى صندوق التأمين أمر يجب التوقف عنده والتحقق منه حيث لم تنظر أو تفصل فيه المحكمة وتجاوزته بالحكم تحت المادة 60(1)(2) من قانون العمل الأمر الذي يستوجب إلغاء الحكم بالمكافأة تحت قانون العمل سنة 1997م وإعادة الإجراء للمحكمة للنظر في صحة توريد المدعي للأقساط التأمينية ثم إصدار ما يناسب من حكم تبعاً لما أوردناه من مناقشة في هذا المعنى أما بالنسبة لبدل الإنذار فهو مستحق للعامل بموجب المادة 50(1) من قانون العمل سنة 1997م.

 أما بالنسبة لمسألة التعويض عن إصابة العمل فلا خلاف حول واقعة أن إصابة المدعي هي إصابة عمل وقد نص قانون التأمين الاجتماعي 1990 –2004م في المادة (41) على أنه تسري أحكام هذا الفصل تأمين معاشات إصابات العمل على المؤمن عليهم الذين تخلف لديهم نتيجة إصابة عمل نتج عنها عجز مستديم نسبته 15% فأكثر .. الخ .. وينشأ إلزام الصندوق بعد ثبوت العجز وفي ذات السياق تنص المادة (42) على أنه يستمر التزام صاحب العمل بأحكام قانون تعويض العمال سنة 1981م فيما لم يرد به نص خاص بهذا القانون وبالتالي فالقانون الواجب التطبيق ابتداءً بالنسبة للعامل الخاضع لأحكام قانون التأمين الاجتماعي 1999-2004م هو قانون التأمين الاجتماعي 1999م-2004م وليس قانون إصابة العمل 1981م ولا يلجأ لقانون إصابة العمل 1981م إلا استثناء في أي مسألة لم يرد بها نص خاص يحكمها في قانون التأمين الاجتماعي 1999م-2004م وقد أورد قانون تعويض إصابات العمل سنة 1981م في صريح نص المادة (4) منه ذات المعنى والمقصد التشريعي بنصه على الآتي:

مادة 4(1) [ مع مراعاة قانون التأمينات الاجتماعية 1990 تعديل 2004م تطبق أحكام هذا القانون على التعويض الذي يدفع عن إصابات العمل لأي عامل في السودان ] .. الخ .. .

 والملاحظ أن المحكمة تجاوزت مسألة تطبيق قانون التأمين الاجتماعي على حالة إصابة العمل وفق النصوص أعلاه ولجأت مباشرة إلى تطبيق قانون تعويض العمال سنة 1981م مع أن الأصل بحسب النصوص السابقة التي أوردناها فالقانون الواجب التطبيق هو قانون التأمين الاجتماعي 1990م –2004م والاستثناء هو تطبيق قانون تعويض العمل سنة 1981م في ما لم يرد بشأنه نص في قانون التأمين الاجتماعي.

 كما أسلفنا وهنا لابد من الإشارة أيضاً إلى جزئية هامة وهي أن صاحب العمل ملزم بموجب أحكام المادة 55(1) من قانون التأمين الاجتماعي 1990م- 2004م بإيداع التأمين الوارد في هذه المادة .

 أولاً: [15% كنسبة يدفعها المخدم تقدر على أساس مقدار الأجر الشهري للمؤمن عليه يلزم بها صاحب العمل 8% يلزم بها العامل من أجره الشهري ] كجزء من أموال تأمين العجز في حالة إصابة العمل بالنسبة للعامل الخاضع لأحكامه.

وفي تقديري أن الحكم فد جاء مقتضياً في إطاره القانوني والوقائعي ولم تقيم المحكمة المستندات المقدمة من الأطراف ومدى قبولها أو عدم قبولها وخاصة حول مصاريف العلاج وجاء الحكم خالياً من أي مناقشة واضحة بل جاء في صيغة سرد عام غير مقنع في إطار القانون الواجب التطبيق على النزاع حسبما أوردنا من تفصيل .. وعموماً أرى أن الوقائع الثابتة التي نؤيدها وفق المحضر وهي تنحصر في المسائل التالية:

أولاً: لا خلاف حول عمل المدعي بطرف المدعى عليها ومدة الخدمة أكثر من ثلاث سنوات.

 ثانياً: إن إصابة المدعي كانت إصابة عمل لأنه كان أثناء عمل المدعي والبينة تؤكد نسبة العجز الذي أصابه ولا ينكرها الطاعن.

 ثالثاً: أن فصل المدعي لم يكن تعسفياً بل كان تحت المادة 50(1) من قانون العمل وبالتالي يستحق المدعي الإنذار وبدله وحسب المستند الذي قدمته المدعى عليها م (د. (6) فإن راتب المدعي راتب شهري بما يعطيه الحق في مرتب شهر (إنذار).

 رابعاً: (لا سند يبرر) ما أثاره الطاعن حول حرمانه من شاهد دفاعه وقفل دعواه فالثابت من واقع المحضر فقد استجابت المحكمة لطلبه سماع الشاهد عن طريق التفويض لمحكمة الخرطوم الجزئية وقد التزم محامي الطاعنة بمتابعة الإجراءات أمام محكمة الخرطوم والإرشاد عن الشاهد والتزم بأن يتابع في الخرطوم هذا الإجراء لأنه بإرشاد المدعي ومتابعته إلا أن المحضر يفيد أنه وعدة مرات يدعي أنه لم تصله إفادة من مندوبه حول ما تم من إجراء بالإضافة إلى الخطأ في اسم الشاهد ابتداءً بما يعني في تقديرنا عدم تقديمه بما يقنعنا بأنه اجتهد وبذل من الجهد الكافي في متابعة الإجراءات التي التزم بها والإرشاد عن الشاهد وقد منح فرص كافية وحتى منح فرصة أخيرة لجلسة 29/9/2007م ص 68 من المحضر للإحضار ما يفيد متابعته وبالتالي أري أنه لا خطأ في إجراء المحكمة وفي تقديرها بشأن الوضع الحال ونتيجته وهي قفل دعوى الدفاع.

 خامساً: يستحق المدعي فوائد نهاية الخدمة إلا أن المحكمة فصلت في مسألة المكافأة تحت قانون العمل سنة 1997م وهو ما ناقشناه في الحكم أعلاه ولم نتطرق إلى الأمر في إطاره القانوني الموضوعي الصحيح بما يستوجب إعادة الإجراءات والحكم للنظر في هذه الجزئية.

 سادساً: لم تتطرق المحكمة في حكمها لمسألة قانون التأمين الاجتماعي 1990-2004م وانطباقه بالنسبة لحقوق الخدمة والتعويض عن إصابة العمل الأمر الذي يستوجب إعادة النظر أمام المحكمة وفق الاجتهاد السالف ذكره والذي توصلت إليه المحاكم ووفق السابقة القضائية المشار إليها والتي أيدنا ما قررته من مبادئ .

 سابعاً:  ما أثاره الطاعن حول التعويض والمسئولية المشتركة لا سند له فالمدعي كانت إصابته إصابة عمل وبمجرد أنه يعاني من السكري فلا ينفي هذا أن السبب في الحادث ونتيجته هو أن الحادث كان أثناء العمل وقد بادر المدعي نحو العلاج بصورة معقولة في إطار ظروف الحادث الذي وقع في الطريق الخلوي في هذا الظرف ولا خطأ أو إهمال من جانبه حسب سياق وقائع الحادث فقد سعى نحو العلاج وبالتالي فلا سند لقبول المسئولية المشتركة المدعاة والمساهمة في الضرر أو العجز الذي أصاب المدعي ونسبته.

 وعلى ضوء هذه الوقائع وعلى ضوء ما أسلفناه من مناقشة حول أن الحكم من الوجهة القانونية جاء (متقضيا) وغير (مقنع) فلا مناص من إعادة الإجراءات والحكم ، إلى المحكمة لإعادة النظر في الحكم على ضوء ما أوردناه من مناقشة ثم إصدار ما تراه من حكم تبعاً لذلك واضعة في اعتبارها كل ما أوردناه من تفاصيل تتعلق بالقانون و البينة والوقائع.

 إن وافقني الزملاء أرى الآتي:

أولاً: يقبل الطعن وفقاً للحكم أعلاه ونؤيد الحكم بمرتب شهر إنذار كما قررته محكمة الموضوع.

ثانياً: وفيما عدا ذلك ينقض الحكم الابتدائي وينقض تأييد الحكم الاستئناف له.

ثالثاً: تعاد الإجراءات وتوضع أمام محكمة الموضوع لإعادة النظر وفق الحكم أعلاه.

رابعاً: لا أمر بشأن الرسوم.

 

القاضي: إبراهيم محمد المكي

التاريخ: 21/10/2008م

 أوافق ولا مزيد.

 

القاضي: عبد الرحيم عبد السيد

التاريخ: 22/10/2008م

 أوافق.

 

الأمر النهائي:

أولاً: نؤيد الحكم الابتدائي في جزئية الحكم ببدل الإنذار بموجب أحكام المادة 50(1) من قانون العمل 1997م.

ثانياً: ينقض الحكم الابتدائي فيما عدا ذلك وينقض حكم الاستئناف المؤيد له.

ثالثاً: تعاد الإجراءات لتوضع أمام محكمة الموضـوع لإعادة النظـر وفق ( موجهات احكم أعلاه).

رابعاً: لا أمر بشـأن الرسوم.

 

عبد الرؤوف حسب الله ملاسي

قاضي المحكمة العليا

ورئيس الدائرة

23/10/2008